مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية من إنجاز الاستاذ ذ : الأستاذ إدريس الود غيري
الأحد، 5 أكتوبر 2014
بواسطة:
hassan laqibi
تمهيــد
اقتضت
حكمة الله تعالى أن يخلق هذا الكون ، ويجعل الإنسان خليفة في هذه
الأرض. وسخر الله تعالى للإنسان كل ما في هذا الكون. وحظي بتكريم الهي
حين أمر ملائكته بالسجود له. ومقابل هذا التكريم ، هناك أمر
رباني يقضي بتنظيم هذا الكون وتوجيه الإنسان وفق شريعة ربانية.
وحتى تتم الخلافة على أتم وجه وفق إرادة الله تعالى ، أرسل عز
وجل الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين ، وأنزل الكتب. فكان
التوافق بين أوامر الحق وبين مخلوقاته ، إذ لم يكن خلقه
عبثا ولا ترك الناس سدى. ولكي يتوافق الإنسان مع نفسه ومع نظام هذا الكون بأكمله
كان لزاما عليه اتباع شريعة ربه طاعة لأمره وتحقيقا لتوحيده تعالى.
وبذلك
كانت شرائع الله تترى منذ القدم. وختمت هذه الشرائع
بشريعة الإسلام ببعثة خير الأنام خاتم الرسل والأنبياء محمد بن عبد الله ص،
فجعلت شريعته ، كما يقال ، نهاية المطاف وخاتمة الألطاف ، فكانت عامة
وشاملة للناس. والشريعة الإسلامية
تتعلق بمشرع حكيم هو الله تعالى الحكيم العليم الذي شرعها وأنزل
أحكامها ، كما تتعلق بمن أنزلت عليه وهو الرسول محمد المصطفى الكريم ص.
ولهذا كان الإيمان بالوحي من عند الله تعالى أهم ميزة للشريعة. فالشريعة
تشتمل على التوحيد ، أي الإيمان بالله تعالى وإفراده بالعبادة
والاعتقاد ، كما تشمل الإيمان بالملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر والقدر
خيره وشره. وتشمل كذلك الشريعة ما أنزله عز وجل من أحكام خاصة في كتابه
الحكيم وما خلفه رسوله الكريم ص من ثروة تشريعية صار يطلق عليها مصطلح
الفقه بأوسع المعاني ، أي ما يندرج ضمن العبادات والمعاملات.
كما
يدخل
في نطاق الشريعة ، مكارم الأخلاق ومحاسنها أي ما يصطلح عليه التصوف
الإسلامي ويدخل ضمنه حسن التعامل
مع الخلق والمحبة لهم والسعي في مصالحهم وعدم الإضرار بهم وفق هدي الشرع.
وإذا
ثبت أن الشريعة هي أحكام الله تعالى التي أوحاها إلى رسوله ص بواسطة أمين الوحي
جبريل ، فإن لهذه الشريعة خصائص وأوصافا تتميز بها عن سائر
الشرائع الأخرى ، كما أن لها مصادر وأصولا بعضها متفق عليه
كالكتاب والسنة والإجماع والقياس ، وبعضها مختلف فيه كالاستحسان والمصالح
المرسلة.
ومر
فهم الشريعة وفقهها بأطوار وعصور كان لكل طور
خصائص ورجال مع المحافظة على الأصول والمصادر الشرعية رغم اختلاف أفهام العلماء
والفقهاء. ولذلك ظهرت مذاهب محمودة ساعدت على اتساع الأنظار
وأثرت موارد الاجتهاد وبثت في التشريع الإسلامي روح التجديد والاجتهاد والابتكار.
ودونت
علوم الشريعة بعد ذلك ، فازدهرت الحركة العلمية في
جميع مجالات الحياة ، مما مكان له الأثر البعيد على الحضارة الإنسانية
على مدى العصور إلى الآن.
وطبقا
لما تقدم يكون مجال دراستنا لهذه المادة مشتمل على بابين :
1- في التعريف
بالشريعة الإسلامية وخصائصها ومصادرها.
2- في أدوار الفقه الإسلامي ومذاهبه.